طالب مسئولون في القطاع الخاص الحكومة بضرورة العمل على تقديم مزيد من التسهيلات وتذليل كافة العقبات للحد من التحديات التي تواجه القطاع الخاص المحلي في ظل الأزمة الحالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط ، والتي دفعت الحكومة لخفض الانفاق واتخاذ عدد من الإجراءات يعتقد القطاع أنها سوق تؤثر على عملياته وأنشطته.
وأعلنت الحكومة في ميزانية العامة للعام الجاري 2016 عن خفض إنفاقها بواقع 11% عن الإنفاق الفعلي للعام السابق حيث قدرت إجمالي الإنفاق بنحو 11.9 مليار ريال الا أنها أكدت في بيان اصدرته بهذه المناسبة استمرار تقديم الدعم اللازم لتوفير بيئة مشجعة لحفز نمو واستثمارات القطاع الخاص ، والمحافظة على مستوى الخدمات الأساسية والخدمات العامة المقدمة للمجتمع .
وعمدت حكومة السلطنة الى اتخاذ العديد من الاجراءات لتقليل الآثار الاحتمالية المستقبلية لعجز الموازنة وتصحيح الاوضاع المالية ومنها تحسين الإيرادات غير النفطية من خلال رفع معدلات ضريبة الدخل على الشركات والمؤسسات ، والحد من الإعفاءات الضريبية ، ورفع كفاءة تحصيل الضرائب وتفعيل الرقابة والمتابعة ، اضافة الى تعديل الأسعار المحلية لبيع الوقود وتأجيل إسناد وتنفيذ المشروعات غير الملحة وغير الضرورية.
وقال أحمد بن عامر العيسري، المدير الشريك في مكتب ارنست ويونج عُمان “من المتوقع أن يكون عام 2016 فترة صعبة للغاية بالنسبة لعُمان والمنطقة ككل. وتعكس ميزانية عام 2016 الانخفاض الكبير في أسعار النفط، وقد دفع هذا إلى تحفيز الحكومة لاتخاذ عدد من الاجراءات لمعالجة هذه المسألة. ويعد تنويع قاعدة الإيرادات وتقليل الاعتماد على النفط، وعقلنة الإنفاق عوامل رئيسية في هذا السياق. ولتحقيق هذه الغاية، فإن رفع الدعم عن الوقود لن يخفف فقط من الأعباء على الميزانية، بل أيضاً سيحدث تغييراً إيجابياً في سلوكنا الاستهلاكي. وتظهر البحوث أن الدعم يشجع الناس على الاستهلاك. وإضافة إلى ذلك، ستساعد التدابير التقشفية الأخرى التي تم الإعلان عنها، في خلق جو من الوعي لأهمية التكلفة. وكبلد فإن علينا أن نستمر في التركيز والاهتمام بالأولويات الأكثر إلحاحاً. ويجب علينا أيضاً مواصلة اتخاذ إجراءات جريئة، والسعي الحثيث لتحقيق برنامج التنويع الاقتصادي. ونحن واثقون من أن هذه الإصلاحات ستؤدي إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية والثقة في قوة وصمود اقتصادنا. وعلى المدى الطويل، فإن الإصلاحات ستشجع على زيادة الاستثمارات الأجنبية من خلال ضمان خلق البيئة الاقتصادية الصحيحة والمناخ الاستثماري الملائم في البلاد”.
بدوره يرى حسين جواد رئيس مجلس إدارة مجموعة دبليوجي تاول أن خفض الانفاق الحكومي سوف يؤثر على القطاع الخاص وذلك لانه يعتمد إلى حد كبير على المشاريع والمناقصات التي تطرحها الحكومة، ولكن بوسعنا تحويل هذه الأوضاع إلى فرص وذلك من خلال تبنى الحكومة لمشروع خصخصة طموح يهدف إلى تمليك القطاع الخاص المشاريع والشركات الحكومية لكي يتولى القطاع الخاص إدارتها واستثمارها بما يعود بالنفع والفائدة ليس على القطاع الخاص فحسب بل كذلك على المواطنين من خلال ارتفاع مستوى الجودة . مشيرا بأن عملية الخصخصة إذا ما تمت بصورة مدروسة وجيدة من شأنها أن تحقق للحكومة عائدات مالية جيدة كما أنها ستتيح للقطاع الخاص الاستفادة من هذه المشاريع لتحقيق مداخيل من مجالات ومشاريع مختلفة تماما “
ويقول جواد “لكي يتجاوز القطاع الخاص هذه الأوضاع لابد له من الولوج إلى قطاعات جديدة مثل قطاع السياحة وهو قطاع كبير ينضوي تحته عدد كبير من الأنشطة مثل ( الفنادق و المطاعم و التدريب ، والنقل والخدمات والمواقع السياحية والتموين والسفر والسياحة والتمويل ) فالسياحة قطاع واعد وكبير ومن شأنه أن يوفر ليس للشركات الكبيرة فحسب بل أيضا للشركات المتوسطة والصغيرة العاملة في مجال الخدمات. وقال بأن بلادنا حباها الله من تنوع في التضاريس ونظرا لطبيعتها الجبلية فهي تزخر بالمعادن المختلفة ، ومن ثم يمكن للقطاع الخاص أن يتجه للاستثمار في قطاع التعدين والعمل على التنقيب عن المعادن وتصديرها .. وخدمات الدعم اللوجستي التي ستنشأ عن العمل في هذا القطاع ، ولابد للقطاع الخاص من الاستفادة من الاتفاقية الدولية مثل اتفاقية التجارة الدولية و الاتفاقيات المبرمة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ، وشرق أفريقيا “.
ويتابع ” القطاع الخاص واع للأدوار التي يقوم بها وذلك من خلال خلق كيانات كبيرة واتحادات لشركات لكي يكون بمقدورها تنفيذ مشاريع كبيرة تحتاج لرؤوس أموال أكبر ، ومنافسة الشركات الأجنبية الكبيرة في تنفيذ مثل هذه المشاريع ، وعلى الحكومة أن تقوم بتسهيل الإجراءات وتفعيل نظام المحطة الواحدة لمنح مزيد من التسهيلات والتشجيع للمستثمرين وتذليل كافة العقبات التي يشتكي منها المستثمرون وتذليل المشاكل المتعلقة بالحصول على الأيدي العاملة، لتحقيق كل ما تقدم لابد أن يكون غرفة تجارة وصناعة عمان ووزارة التجارة والصناعة وإثراء و المركز العماني للاستثمار وترويج الصادر وغيرها من الجهات المنوط بها دعم وتشجيع الاستثمار دور فاعل وقيادي لقيادة القطاع الخاص لمواجهة هذه الأوضاع “
سياسة تحفظية
من جهته يقول عبدالعزيز البلوشي الرئيس التنفيذي لاومينفيست ” بدأت شركات القطاع الخاص التي تعمل في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الإنفاق الحكومي مثل النفط والغاز والمقاولات تعاني من أوضاع صعبة . كما أن من المتوقع أن يتأثر القطاع المالي حيث ستتراجع قيمة الأصول بسبب تراجع مستوى السيولة من انخفاض الودائع الحكومية وهو الأمر الذي يؤدي إلى ضغط على صافي الفائدة. بشكل عام فإن تراجع النشاط الاقتصادي سيلقي بظلال قاتمة على كافة القطاعات ولكن بنسب متفاوتة “.
الا ان البلوشي يرى بأن هذه الإجراءات الصارمة لن تستمر للأبد حيث ليس من المنتظر أن تستمر أسعار النفط على المعدلات الحالية ولن تستمر المشاريع الحكومية بهذه الوتيرة الأبطأ. تستهدف خطة السلطنة الخمسية التاسعة جلب استثمارات بقيمة 8.2 مليار ريال عكل عام مع زيادة سنوية بنسبة 5% . تعتمد هذه الأهداف على عودة أسعار النفط إلى تعافيها من 45 دولار للبرميل في عام 2016 إلى 60 دولار للبرميل في عام 2020 وهو الأمر الذي سيدعم النمو بشكل عام.
وأضاف البلوشي بانه يمكن للسلطنة أن تشهد زيادة في الشراكات بين القطاعين العام الخاص بعد خفض الحكومة لإنفاقها وبعد تنفيذ الإجراءات التقشفية التي تم الشروع فيها . هناك ميل من جانب الحكومة للمضي قدما مع مشاريع البنية الأساسية ولكنها بحاجة إلى مشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر في تمويل المشاريع ولذلك فإن من شأن زيادة التعاون بين القطاعين في تنفيذ مشاريع البنية الأساسية أن يعزز النمو في الاقتصاد الوطني. يعتبر مشروع تحويل ميناء السلطان قابوس إلى ميناء سياحي وتطوير المناطق المحيطة به خير مثال على هذا التوجه حيث تسعى الحكومة إلى امتلاك 51% من المشروع والباقي سيتم تمويله عن طريق صناديق التقاعد والقطاع الخاص.
ويضيف البلوشي “هناك عدد من القطاعات التي تأثرت بالفعل بسبب تراجع الإنفاق الحكومي ومنها قطاع النفط والغاز والمقاولات وكلاهما بحاجة إلى ترشيد الإنفاق والبحث عن مصادر للحصول على دخل إضافي لأن نسبة المشاريع التي أصبحت تعمل هذه الشركات بها وعددها انخفض بشكل كبير. في ظل الظروف الحالية ، تحتاج هذه الشركات إلى إجراء إصلاحات عن طريق ضبط الكلفة وتحسين طرق الإدارة لأن ذلك سيجعلها تؤدي بشكل أكثر فعالية وتحسن إنتاجها. كذلك فإن الشركات التي تعمل في مجالات متنوعة ولديها ميزانية قوية وتتمتع بموقف ريادي في السوق ستكون في موقف أفضل يمكنها من التعامل مع الضعف الموجود في الاقتصاديات الكلية من خلال توسعة نشاطها خارج الحدود.
ويعتقد البلوشي بأن هذا هو الوقت المناسب أمام القطاع الخاص لإجراء إصلاحات وتعزيز كفاءته المالية ، نحن بحاجة إلى أن نخفف من حدة الروتين وأن يكون هناك مستوى أعلى من التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية والوزارات ويمكننا أن نحقق ذلك من خلال تنفيذ إجراءات فاعلة وعلميات مدروسة وتطبيق أنظمة تقنية معلومات حديثة ومتطورة واتباع أفضل الممارسات في كل منطقة من المناطق . باختصار فإن القطاع الخاص بحاجة إلى فعل الكثير بأقل الإمكانات وبأعلى مستوى من الفعالية والإنتاجية.
كما أكد البلوشي بقوة القطاع الخاص حيث أن الدول تحقق النمو المستدام فقط عندما يكون لديها قطاع خاص حيوي وفاعل . تتضمن الخطة الخمسية التاسعة للتنمية في السلطنة 2016-2020 تنفيذ العديد من السياسات والإجراءات من أجل تنويع مصادر الاقتصاد العماني والتركيز على قطاعات مثل التصنيع والتعدين والنقل والسياحة. كذلك هناك العديد من المشاريع المستهدفة للقطاع الخاص خلال هذه الخطة ومنها مشروع السكك الحديدية (باستثمارات حوالي 5-6 مليار ريال) ومشاريع سياحية ولوجستية وأسماك ومشاريع أخرى. من شأن ذلك ان يساعد على تعزيز دور القطاع الخاص. كذلك فإن سوق العمل سيستفيد عندما تعرض الشركات فرص عمل بعقود ذات شروط أكثر مرونة ولمدد أقل بما يستجيب لاحتياجات السوق والعمل الفعلية. علاوة على ذلك يجب أن يفكر القطاع العام في أنه و ما لم يكن أداء الموظف في المستوى المطلوب فإنه لن يكون بإمكانه المحافظة على وظيفته للأبد. سوف تؤدي هذه الإصلاحات إلى زيادة المنافسة وهو الأمر الذي سيؤدي إلى خفض التكاليف وتحسين الإنتاجية.
ويتابع حديثه ” على قطاعات الأعمال أن تكون أكثر نشاطاً وتقبل بالتغيير ونحن في عمانفست نؤمن بأهمية هذا التغيير واهمية الانفتاح وقد ساعدنا الدمج الذي حدث مؤخرا بين عمانفست وأنك القابضة في أن نكون في موقف قوي يساعدنا على تنفيذ خطط النمو على نطاق أكبر . في ذات الوقت فإننا نتوقع أن يؤدي هذا الاندماج إلى خلق فرص عمل للعمانيين ومساعدة قطاعات الأعمال عل النمو وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر للسلطنة .
وشدد البلوشي على انه في حال استمرار تراجع أسعار النفط ينبغي على الحكومة أن تركز على تنويع الاقتصاد الوطني من خلال حفز نمو القطاعات غير النفط وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية وفي توفير فرص العمل وتشجيع الريادة في العمل. من المتوقع أن تصل مساهمة القطاع النفطي في إجمالي الناتج المحلي إلى 26% خلال الخطة الخمسية التاسعة بينما كان المتوسط في الخطة الخمسية الثامنة 44% وهو ما يعني أن تركيز الحكومة الآن ينصب على تنويع الاقتصاد. من المنتظر أن تلعب الناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة ( في صحار وصلالة) دوراً رئيسياً في تحفيز النشاط الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. تشمل هذه المشاريع مطار مسقط ، مركز عمان الدولي للمعارض وقطارات عمان ومنطقة الباطنة اللوجستية ومشروع تطوير الواجهة البحرية في ميناء السلطان قابوس وشركة تنمية معادن عمان إلى جانب مشاريع أخرى عديدة. إذا ما أخذنا في الاعتبار الخطوات التي قامت بها الحكومة العمانية ، نحن على ثقة من أن السلطنة سوف تخرج أقوى مما كانت وستتمكن من المحافظة على نموها المتواصل الذي استمر لفترة طويلة بفضل القيادة الحكيمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه “.
تنويع القاعدة الاقتصادية
بدوره يقول الشيخ قيس بن سالم الخليلي ، رئيس مجلس ادارة مجموعة الخليلي “الاسلوب المثالي لمواجهة تراجع أسعار النفط هو الاعتماد على تنويع قاعدة الانتاج الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية وتحسين ممارسة الأعمال والسياسات الداعمة للنمو وتشجيع الادخار ووجود تسهيلات ائتمانية للقطاع الخاص وغيرها من الجوانب الأخرى التي هي أولوية مهمة وضرورية لتنويع القاعدة الاقتصادية التي هي بحاجة لجهود مضاعفة من قبل الحكومة والقطاع الخاص للخروج بها لمستويات متقدمة من حيث العائد الاقتصادي المرجو منها”.
ويرى الشيخ قيس أن من أهم مقومات نجاح أي اقتصاد متحول الى نظام (اقتصاد السوق الحر) هو دعم القطاع الخاص وجعله شريكاً حقيقياً للقطاع العام وعدم اعتباره منافساً ونداً , والتجارب الاقتصادية الناجحة في العالم تثبت ذلك وما الاقتصاد الصيني العملاق إلا خير دليل على صحة ذلك ويضيف ” المطلوب من الحكومة في هذه المرحلة الراهنة التي يمر بها اقتصادنا أن تتخذ إجراءات جادة للتعشيق بين القطاع الخاص والعام واستثمار قدراته وإمكانياته لتحقيق تنمية مستدامة وهذا يتطلب العمل على احتضانه وتقديم كافة أنواع الدعم لنجاحه ، وهذا يتطلب إصدار تعليمات الى وزارات ومؤسسات الدولة للقيام باحتضان شركات القطاع الخاص وتقديم كافة التسهيلات المختلفة لها والاستفادة من خبراتها المتنوعة في النهوض بالواقع الإقتصادي عن طريق منحها العقود الصغيرة والمتوسطة والقيام بعقد شراكات حقيقية مع المؤسسات الحكومية والمنشآت الصناعية لإعادة تأهيلها والقيام بإعادة الحياة لكافة المصانع والمعامل الحكومية المتوقفة التي لا تحتاج الا لخطط سليمة لنفض الغبار عنها وإعادة الحياة لها لكي نخفف عن ميزانية الدولة أعباء رواتب منتسبيها والذين أصبحوا عبئاً ثقيلاً على الحكومة برغم خبراتهم وكفاءاتهم الممتازة في مختلف الإختصاصات والذين أصبحوا ضحية سوء التخطيط وضعف السياسات المتعاقبة على البلد.
ويتابع “ان دعم القطاع الخاص وجعله شريكاً حقيقياً سيوفر على الدولة والقطاع العام جهوداً في مختلف المجالات الإقتصادية وسيوفر على الحكومة أعباء كبيرة وسيساهم في التقليل من نسب البطالة في المجتمع لأن هذا القطاع سيوفر الآلاف من فرص العمل الشريفة لشبابنا العاطل وسيضمن حمايتهم من الوقوع في شراك وبراثن البطالة ، فلو وفرت له كل السبل والتسهيلات فلا شك في قدرة القطاع على المساهمه الفعاله في تخطي الازمه الاقتصاديه الراهنة” .
مرحلة قادمة مهمة
ويقول موسى بن مسعود الجديدي رئيس الخدمات المصرفية للأفراد ونائب المدير العام ببنك العز الاسلامي أن القطاع الخاص بطبيعة الحال هو شريك أساسي في دعم القطاع الحكومي ويمكن القول بأنه جزء لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية في السلطنة لاسيما وأن المرحلة القادمة من وجهة نظري سوف تشكل البداية الحقيقية لتأسيس دورات اقتصادية متينة لحركة الاقتصاد يكون القطاع الخاص بلا شك هو حجر الأساس فيها للنهوض بالمشاريع التي من خلالها سيكون لها تاثيرات مباشرة في دعم وتعزيز الإيرادات المالية للدولة من حيث تنويع مصادر الدخل .
أما فيما يتعلق بخفض الإنفاق الحكومي على القطاع الخاص فإن هذا بطبيعة الحال يعد فرصة مواتية يمكن من خلالها تعزيز الأدوار المنوطة بهذا القطاع بمعنى تحويل التحديات إلى فرص ووضع الرهان لأن يكون القطاع الخاص هو الداعم الرئيسي لإيرادات الدولة عبر منحه المزيد من الصلاحيات لأن البدايات الصحيحة لإدارة الأزمات الإقتصادية سوف تؤدي إلى نتائج جيدة وهذا ما ينبغي أن تشهده المرحة القادمة .
أن الأوضاع التي تمر بها السلطنة فيما يتعلق بترشيد الإنفاق وتقليص المصروفات في بعض الجوانب وإعادة تسعير الوقود هو وضع طبيعي جداً لأي دولة تواجه تحديات اقتصادية بسبب هبوط أسعار النفط كون هذه السلعة تعد المورد الأساسي لاقتصاد الدول الخليجية وما يمكن قوله في هذه الجزئية أن القطاع الخاص في السلطنة تم تأسيس أرضية صلبة له وبدأت إيراداته تساهم بشكل ملموس في الموازنة العامة للدولة لكن ينبغي تعزيز هذه الإيرادات بشكل أكبر ومضاعف وحتى الآن لا توجد تاثيرات مباشرة على المشاريع التي يقوم بتنفيذها القطاع الخاص في مختلف محافظات ومناطق السلطنة وكذلك المشاريع التنموية التي تنفذها الحكومة الأمر الذي يعني أن الخطط المتبعة حتى الآن تعد فعالة وذات جدوى لا سيما وأن تفاصيل الموازنة وضعت في مقدمتها استمرار المشاريع التنموية وإيصال الخدمات إلى المواطنين وقال إن التنمية الاقتصادية في السلطنة بدأت منذ أكثر من 40 عاما وآخذة في التطور بشكل مستمر ومتقن وما يدل على ذلك تنوع المشاريع الاقتصادية التي أدت إلى تعزيز وتنويع مصادر الدخل والتي أدت في الوقت نفسه إلى استيعاب العديد من الكوادر الوطنية والباحثين عن عمل .
يمكن القول أن الأدوار المطلوبة خلال المرحلة القادمة من قبل القطاع الخاص تكمن في تعزيز وتيرة وسرعة إنجاز المشاريع الحيوية هذا من جانبٍ ، الأمر الأخر يتلخص كذلك في رفع الحد الأدنى للأجور وتوسيع قاعدة الاسثتمارات للصناديق الاسثمارية في السلطنة في مشروعات القطاع الخاص المتعددة .
ويتابع ” ما يحتاجه القطاع الخاص في المرحلة القادمة هو تعزيز الثقة به بالإضافة إلى توفير المزيد من التسهيلات في إمكانية جذب رؤس الأموال من مختلف دول العالم لاسيما وأن السلطنة لديها خطط متنوعة لتعزيز مصادر الدخل مثل تطوير منظومة الموانئ واللوجستيات كون موقعها الاستراتيجي على خطوط الملاحة البحرية العالمية يمنحها دوراً مؤثراً في تعزيز وتنويع مصادر الدخل ومن أهم النقاط التي ينبغي أيضاً التركيز عليها قطاع السياحة إذ تعد أحد أهم المصادر لرفع الإيرادات لاسيما وأن السلطنة تزخر بالعديد من المقومات السياحية التي تجعلها أحد أهم الوجهات لمختلف السياح من دول العالم حيث أن هذا القطاع يحتاج مزيداً من التطوير والاهتمام بالإضافة إلى ذلك أرى بأنه يجب تخصيص عددٍ من الشركات التي تملكها الحكومة كما أن الوقت قد حان لإعادة صياغة بعض القوانين المتعلقة بجذب الاستثمارات كما يجب أن يكون القطاع الخاص ممثلاً في رجال الأعمال ورؤساء مجالس إدارات الشركات والرؤساء التنفيذيين شركاء بالتوازي مع الحكومة في صنع القرارات التي يمكن من خلالها أن تؤدي إلى تحقيق شراكة حقيقية سنتبت من خلالها قرارات هادفة وفاعلة لمعرفة ما يريده القطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة إضافة إلى ذلك فإن الأرقام والإحصائيات تؤكد ارتفاع عدد العمانيين في هذا القطاع مما يعني بأنه اصبح قطاعاً جاذباً للعمل كما أنه يمنح العاملين مهارات جديدة ويطور قدراتهم الوظيفية ويؤهلهم للدخول والمنافسة في سوق العمل مع الوافدين حتى أن خلال المرحلة القريبة الماضية نرى أن كثيراً من العمانيين تقلدوا مناصب قيادية في معظم الشركات التي تعمل في السلطنة.
القطاع الخاص واع لأدوارة و المطلوب منه، وإن القطاع الخاص بلا شك مُدركٌ لأدواره وما يؤكد ذلك زيادة عدد المنشآت العاملة في السلطنة وزيادة وارتفاع الإيرادات لكن ينبغي تكثيف الحزم الإعلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة المسوعة والمرئية والمقروءة وذلك من أجل زيادة وعي المواطنين بأهمية النهوض بهذا القطاع وكذلك تعزيز المزايا والتسهيلات التي تمنح للعاملين لاسيما وأن الجهاز الإداري للدولة أصبح غير قادر على استيعاب الباحثين عن عمل بسبب تضاعف أرقام المخرجات من مقاعد التعليم الأمر الذي يشكل أمراً مهماً لمواجهة هذا التحدي خلال الفترة المقبلة .
القرارات الصعبة
ويرى بنجامين كولوم – المدير العام لشركة هامبتونز، أنه خلال مثل هذه الأوقات لا بد لشركات القطاع الخاص أن تعمل على تعزيز بعض الجوانب مثل الإدارة المثلى للموارد وخفض النفقات وتحقيق الإيرادات. كذلك فإن الإدارة الفاعلة للموارد الحالية مع خفض النفقات ومن خلال التخطيط المناسب سيؤدي إلى خفض في الإنتاجية والاستدامة خلال عام 2016 وهو الأمر الذي سيجعل عام 2016م من الأعوام الصعبة على القطاع الخاص.
ويضيف ” لذا يجب على القطاع الخاص أن ينهض ويساهم في تلبية احتياجات الاقتصاد الذي يعاني من ظروف صعبة من خلال تعزيز جوانب معينة مثل الابتكار وتطوير الأداء والإنتاجية. يجب على القطاع الخاص أن يضع حداً للإهدار المتكرر في الأصول وهو الأمر الذي كان سائدا في دول الخليج العربي بشكل عام خلال فترات ارتفاع أسعار النفط. يجب العمل أيضا على خفض كلفة الإنتاج “
ويؤكد كولوز بأن القطاع الخاص لدية القدرة على لعب الدور المأمول منه ، وكذلك لديه الإمكانات للعمل بفاعلية رغم الإجراءات التقشفية التي تقوم بها الحكومة. فنحن ندرك أن المسألة ليست سهلة ولكن بكل الأحوال فإن بقاء الكثير من الشركات في السوق يعتمد على قيامها بخفض نفقاتها وإعادة هيكلة النشاط.