شهدت سوق مسقط للأوراق المالية، كما هو الحال مع أسواق المال في دول الخليج العربي، مرحلة تراجع على خلفية التراجع الكبير جدا في أسعار النفط الخام والاضطرابات التي شهدتها المنطقة خاصة في اليمن.
تراجعت سوق مسقط للأوراق المالية إلى مستوى قياسي قبل أن تتعافى إلى 6,405.64 نقطة في 20 مايو وهو ما يشير إلى تحقيق مكاسب تبلغ 1% فقط مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. في الواقع فقد هبط السوق إلى مستوى 5،409.41 نقطة في ديسمبر بسبب ضعف شهية المستثمرين في الربع الرابع من العام بعد أن كان قد وصل إلى 7,484 نقطة في الربع الثالث من العام وهو ما يعني أن التراجع بلغ 28%. يعود هذا التراجع بشكل كبير على تراجع أسعار النفط الذي التهم كافة المكاسب السابقة حيث تراجعت أسعار النفط بنسبة تزيد على 55% ليصل سعر برميل النفط إلى أقل من 45 دولاراً للبرميل ليصل إلى أدنى مستوى له على مدى خمس سنوات. كذلك فقد كان للأزمة اليمنية والقصف الجوي من جانب عاصفة الحزم التي بقيادة السعودية أثراً على شهية المستثمرين على الاستثمار في منطقة الخليج العربي. على أية حال فقد استعادت مؤشرات أسواق المال في دول الخليج العربي عافيتها بعض الشئ بعد تعافي أسعار النفط إلى حد ما في الربع الثاني من عام 2015م. كما هو معلوم فإن عائدات النفط تساهم بـ 79% من إجمالي عائدات حكومة سلطنة عمان. كان هناك عوامل أخرى أثرت في شهية المستثمرين منها زيادة أسعار الغاز على المصانع العاملة في السلطنة إلى جانب المخاوف من المقترحات المقدمة من جانب مجلس الشورى خلال العام بهدف سد العجز في الميزانية. ضاعفت السلطنة أسعار الغاز المباع للمصانع القائمة في مختلف المناطق الصناعية في إطار الجهود المبذولة لتعزيز العوائد الحكومية وتغطية العجز من تراجع أسعار النفط. في العام الماضي، بلغ إجمالي عائد سوق مسقط للأوراق المالية 2.27 مليار ريال حيث تم تداول أكثر 6.71 مليار سهم. كذلك فقد بلغ متوسط قيمة الأسهم المتداولة يوميا 9 مليون ريال كما وصل رأسمال السوق إلى 14.56 مليار ريال مقارنة مع 14.16 مليار ريال في نفس الفترة من عام 2013. بدأ رأس المال السوقي في الزيادة منذ عام 2013 وما بعده بسبب زيادة أسعار معظم الأسهم. كذلك مما ساعد على النمو عمليات الطرح الجديدة من جانب شركة المها للسيراميك وشركة سيمبكورب وشركة الشرقية لتحلية المياه وشركة المدينة تكافل. وفقا لسوق مسقط للأوراق المالية فقد تم تداول أسهم 124 شركة مدرجة في البورصة في عام 2014 – شهدت 73 منها تراجعاً بينما شهدت 37 منها ارتفاعاً وظل سعر سهم 14 شركة منها بدون تغيير. جاءت سوق مسقط للأوراق المالية، التي شهدت تراجعاً العام الماضي بنسبة 7.2%، كثاني أسوأ سوق مال خليجي من حيث الأداء وجاءت قطر كأفضل سوق من حيث الأداء (18.4%) وبعدها البحرين (14.2%) ثم دبي (12%) وأبو ظبي (5.6%) السعودية (2.4-%) وسلطنة عمان (7.2-%) وأخيراً الكويت (13.4-%).
عاد النشاط مرة أخرى إلى البورصة مع عملية طرح شركة العنقاء للطاقة في يونيو الماضي حيث تمكنت عملية الطرح من جمع 56.3 مليون ريال عماني بعد التجاوب الكبير من جانب المستثمرين. علاوة على المكاسب من الإدراج فقد أثبتت الشركات المدرجة قدرتها على تحقيق قيمة وعوائد جيدة على راس المال على مدى فترة من الزمن. بلغت العوائد التي جناها المستثمرون من الشركات الخمس العاملة في مجال الطاقة حوالي 260 مليون ريال. ساعد الأسلوب الدفاعي والتدفقات النقدية المستقرة شركات الطاقة العمانية على دفع عوائد نقدية للمستثمرين وهو الأمر الذي زاد من جاذبيتها للمستثمرين مقارنة بالشركات الأخرى. على سبيل المثال، واصلت شركة العنقاء للطاقة توزيعات الأرباح النقدية حيث يبلغ متوسط العوائد التي من المتوقع أن تقوم بتوزيعها بشكل سنوي سعر السهم الذي يبلغ 110 بيسة في الفترة من 2015 إلى 2019 م 7.3% مقارنة مع عوائد تبلغ 5.9% في شركات الطاقة الأخرى المدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية. باعتبارها أكبر محطة لتوليد الطاقة في سلطنة عمان، من المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية للمحطة 2000 ميجا واط وهو ما يمثل 27.8% من إجمالي الكهرباء المنقولة في شبكة الربط الكهربائي في السلطنة. ينتظر المستثمرون أيضا عمليات إصدار أخرى من الشركات المملوكة للدولة. من المنتظر أن تقوم حكومة السلطنة بالتخلي عن حصتها في العديد من الشركات المملوكة لها في تحرك هدفه تغطية العجز الحكومي البالغ 2.5 مليار ريال عماني في عام 2015. تم تحديد عدد من الشركات التي ستقوم الحكومة بتخصيصها ومنها شركة مجان للزجاج وشركة مسقط لتوزيع الكهرباء. علاوة على ذلك، فإن شركة النفط العمانية، التي تعتبر الذراع الاستثماري لحكومة السلطنة، ربما تفكر في بيع بعض الشركات المملوكة لها للعامة ومن ذلك شركة أبراج لخدمات الطاقة وشركة الغاز العمانية والشركة العمانية للتجارة الدولية وشركة صلالة للميثانول. سوف تتخلى الحكومة عن حصتها في هذه الشركات إما عن طريق طرح الأسهم للاكتتاب العام أو بيع الملكية لشركاء استراتيجيين أو كليهما معاً. يجري في الوقت الحالي اتخاذ الخطوات اللازمة لخصخصة عدد من الشركات المملوكة للدولة وسيتم البدء في التخصيص على مراحل خلال الثلاث سنوات القادمة (2015-2017). في العام الماضي، قالت الحكومة بأن خطتها هي التخلي عن حصتها في العديد من الشركات الإحدى عشر المملوكة للحكومة عن طريق طرح الأسهم للاكتتاب العام في تحرك واضح لتنشيط سوق المال ونقل الفوائد لأكبر عدد ممكن من المواطنين. كما هو الحال في برامج التخصيص السابقة، يتم إعطاء الأولية في التخصيص للشركات التي تحقق أرباحاً.
النجاح الذي حققه طرح جزء من أسهم الحكومة في شركة عمانتل للاكتتاب العام علامة إيجابية للجهات المعنية لكي تمضي قدما في خطط التخصيص علاوة على أن السوق المالي بحاجة إلى سيولة مادية جديدة. أعلنت حكومة السلطنة فعليا عن طرح صكوك سيادية بقيمة 200 مليون ريال عن طريق عملية طرح خاص حيث ترى الحكومة بأن إصدار مثل هذه الصكوك سيكون له دور كبير في إنعاش سوق الصكوك في السلطنة وفي نفس الوقت يوفر السيولة اللازمة للمؤسسات المالية الإسلامية إلى جانب أنه يوفر البديل للمؤسسات المالية التقليدية. يستهدف إصدار الصكوك السيادية بشكل أساسي تلبية احتياجات قطاع الصرافة الإسلامية الذي يعتبر في بداياته في سلطنة عمان إلى جانب أنه سيوفر لكثير من المستثمرين البديل المناسب للاستثمار وسيكون كذلك أحد أدوات إدارة السيولة في المؤسسات المالية الحكومية. بمجرد إصدار الحكومة للصكوك السيادية، ستدخل كيانات خاصة إلى السوق ومن شأن ذلك أن يساعد في إنعاش سوق الصكوك وهو أمر حيوي لتطور القطاع المالي الإسلامي في السلطنة.